الأربعاء، 30 سبتمبر 2009

ساهرة

ساهرة

ساهرة .. و مع شجون الليل نفسي ثائرة .. ساهرة و مجنونة .. تتقافز الحماسة أمام عيني .. تتطرق لذهنى أفكار منعشة ..
دائما يقرنون كلمة القهوة بالصباحية .. إن السيد المحترم يتناول قهوته الصباحية" لكنى سأرتشفها الآن فبل الفجر بدقائق .. أشعر ببعض من مرارتها في حلقي .. لكنى أستمتع بذلك .. سببت بعض الألم لتناولى لها ساخنة جدا عقب بعض المشروبات المثلجه .. و لكن لا أبالى .. القهوة في أى وقت .. سمعت من غنوها قبلي "قهوة ساقعة"* سادة .. سكر زيادة .. ساخنة أو باردة .. المهم الإحساس بها.. أتذكر ضاحكة نداءات جدتى كأنى أسمع صداها يتردد الآن "نامى مبكرا يا بنيتى .. سوف تقلق عليك أمك و يذبل و جهك" و توبخنى بأنى أقلب موازين الكون .. من يضيره هذا الأمر غيري؟! لا أحد .. إذن لا ضرر ..
انتهيت من قهوتى .. تحمست لأرى طالعى في الفنجان .. قلبته و انتظرت علامات القهوة في قاع الإناء كي ترسم طريقي .. رفعتها على عجل لأقرأه .. وجدت داخله للعجب .. نفس الرسمة التى ترسمها السحب التى تتهادي في السماء على مهل ... إبتسامة كبيرة .. و طريق ممهد .. أحببت أن أقول أيضا قرأت في الفنجان فارس طويل جميل ينتظرك يا ولدى أقصد يا ابنتى على حصانه الأبيض .. كما تقول العرافات دائما .. و أحببت أن أعطى هذا الطريق .. لونا .. أردت أن أقول طريق أخضر منثورة عليه الزهور .. لكننى فشلت أن أرى هذا الفارس في السماء أو ألوًَن السحب بالأخضر .. تبسمت في إعجاب بنفسي و بهذا المزج و الخيال العجيب .. و لكنى سررت بتطبق السماء و الفنجان الذي صنعته بنفسي..
أطحت بفنجانى و أسرعت أرقب الشمس و هى تطل علىَ بنورها في هدوء و خفة .. ساهرة .. انتظر سماع أول طير مغرد يستيقظ .. و أحسد أول حمامة بيضاء .. بريئة ترفرف بجناحيها في السماء .. و فرحت بتصايح الديكة .. شعرت كأنهم يحيون بعضهم تحية الصباح .. فرغت من سهري راضية .. و الآن سأسرق بضعة سويعات من النوم و أعود سريعا .. أرى ماذا تغير في الكون .. و أبدأ في إنجاز مهامى .. فما تأخر من بدأ.. نمت على صوت راديو القرآن الكريم يأتى من بعيد ..

*قهوة ساقعة : أغنية لفريق وسط البلد

الثلاثاء، 15 سبتمبر 2009

قبل الطوفان (قصة قصيرة)

قبل الطوفان

أحكى لكم عمن كانت حبيبتى .. عاشت روحى بوجودها .. و امتلء عالمنا بالحب ..ذات يوم فاجأتنا طرقات عنيفة على الباب .. و ألقوا القبض عليها لتهمة ما !! ربما لإنها جميلة .. أو لإنها قابلت أثناء عملها سيدة ذات حجاب !!! مقاومة و رفض .. لكن هيهات ..
ثارت ثائرتى .. و كان لزاما على أن أتخلى عن دنيا حبنا .. و أنزل للبحث عنها فى الشوارع .. أو فى أى مكان .. بعد سنوات طويلة من الرقاد ...
و أمام منزلنا .. تكتل عن يمين الباب .. بعض الخلق المتلاحمين ...نائمين .. فسرت يسارا .. رأيت أطفال يلعبون ...بمسدسات حقيقية و يقتلون .. مات بعض الناس على أيديهم .. و رأيت الدماء تنبثق منهم .. صرخت .. لكن جميع المارين لم يبالون !!!
رأيت رجلا يجرى لا تكاد تستره ملابسه .. أشحت بوجهى .. أطلقت صيحة قصيرة ... لا أدرى لِمَ هؤلاء الرجال العمالقة يجرون الناس بتلك الحبال .. و هؤلاء الآخرون يضربون !! و الجميع بعيون متراخية و من الواضح غياب كل ألم عنهم ...
هرولت فى سيري .. أسرعت .. و جريت هاربا من هذه المشاهد .. فرأيت بين حانتين .. شبح حبيبتى .. و لكنى وجمت .. كانت كعروس الموت السوداء .. تتحرك بخيوط من هنا لهناك .. و من هذه اليد لتلك .. و تتبادلها العيون .. لم أستطع أن أستوقفها كلما ناديتها .. تغيب عن عيناى .. ومضة سريعة تأتى ثم تختفى .. توقفت عن اللهاث .. صمَت .. بطأت حركتى كالخلق حولى .. و دارت رأسى فى أرض الشرود !!!
درت بعينى فى إتجاه آخر .. فوجدت سيارات فارهة .. لكنها تسير بينما إشارة المرور حمراء .. و وجدت اليمين ...أصبح يسارا .. و وجدت حولى صحراء .. لا بل وجدت هناك أرضا ما تُزرع ثم تُحرق و هكذا دواليك .. و كل فرد ممن بزرعون الأرض و الآخرين الذين يحرقونها يفعل ذلك كأنه روتين يومى .. إلا بعض المزارعين بدا عليهم الإمتعاض ..
ما أدهشنى حقا زجاجات الخمر فى كل مكان .. و كنت أستحى من الزجاجة الوحيدة التى أحتفظ بها فى منزلى .. أسرعت إلى بيتى .. كسرت زجاجة خمرى .. أحضرت من سرداب البيت فأس ورثتها عن جدى كان مازال ملتصق بها آثار طين الأرض الخضراء .. توضأت و استغفرت ربى .. تبت و دعوت ..
جريت إلى العالم الميت حولى .. أخذت أحطم و أضرب كل شئ .. هل فقدت عقلى ؟!! لا أدرى .. لكنى في النهاية فعل شئ لم أفعله من زمن ... فكرت ... ثم بعد أن هدأ إنفعالى و جدت أنى نظفت قطعة أرض .. و ضعت بها بقايا الأرض الخضراء .. و سكبت فيها من بقايا زجاجة عطر حبيبتى .. حتى تعرفها فتأتى .. و دعوت أن ترجع معها روحها الطاهرة .. وضعت قطتين ذكيتين كانتا عندى .. و كلب حارس شجاع كان لدى أبى .. و مصباح جمعت زيته من الناس فى الخارج .. و وضعت لافتة تقول :"بيت الأفكار" ... ملئت المكان بالكتب .. زينته .. و أخذت .. أتلو آيات الله بصوت عال ..
جلست أنتظر من يدعمنى و يبادلنى الأفكار .. و جلست كنوح ينتظر الطوفان .. لمحت من بعيد رجال قادمون إنتعش بداخلى الأمل .. اقتربوا أكتر فوجدتهم ضخام و فى أيديهم سوط و حبال...